أهمية الاستشارة القانونية في تأمين الاستثمار

                                          ياسر بن عبدالعزيز المسعود

مؤسس شركة تقاضي العالمية للمحاماة والاستشارات القانونية

      تعرف الاستشارة القانونية بأنها: “خدمة مهنية يقدمها محامٍ أو خبير قانوني مؤهل لتقديم المشورة والإرشاد بشأن القضايا القانونية التي يواجها الأفراد أو الشركات، ينير بها الطريق أمام العميل وخاصة عند وجود المشاكل القانونية حيث يقدم له وصفاً موضوعياً لحقوقه والتزاماته بالنسبة لمركزه القانوني ويخبره عن الوسائل التي يوفرها القانون للمحافظة على حقوقه، وتقديم الفتاوى المتعلقة بالإجراءات التحفظية التي تعمل على حماية موقع موكله ويرشده إلى الاستخدامات الصحيحة للأدلة التي ترجح دعواه في حال توافر هذه الأدلة أو البحث عن تلك الأدلة غير المتوفرة التي تضمن حكماً لصالح موكله.” (الخرجي، 2013م، ص 40).

      وتُعنى الاستشارة القانونية التجارية في المملكة العربية السعودية بتقديم المشورة القانونية المتعلقة بمشاريع الأعمال والاستثمارات، مُساعدةً الأفراد العاملين في القطاع التجاري والاستثماري على فهم وتطبيق التشريعات واللوائح المحلية، ومن ثَمَّ حماية حقوقهم ومصالحهم التجارية.  

      ويُعدّ المستشار القانونيّ الشخص المسؤول عن تقديم استشارات قانونية متخصصة، وفقًا للأنظمة واللوائح المعمول بها، مدعومةً بخبرته العملية في مختلف المجالات القانونية، ويتّبع في ذلك منهجيةً منظّمة تبدأ بسماع الاستشارة وتحليل وضعها القانونيّ، ثمّ البحث وجمع المعلومات اللازمة لفهم الوضع بشكلٍ أفضل. ويهدف ذلك إلى استيضاح الوضع القانونيّ للمستفيد، والحلول المتاحة، والتحديات المحتملة، وتحديد ما إذا كان الوضع في صالحه أم لا. وفي بعض الحالات، يتولّى المستشار تنفيذ الاستشارة القانونية، ومتابعة وتقييم النتائج، بالإضافة إلى متابعة التطورات القانونية الجديدة ذات الصلة.  ويُعد اختيار مستشار قانونيّ يتمتّع بصفاتٍ معيّنة، كالخِبرة، والمرونة، والسرّية المهنية، وقدرة التحليل والتفاوض، وسرعة التنفيذ، من أهمّ المعايير التي تضمن جودة الاستشارة القانونية.    

      ويؤدي المستشارون القانونيون دورًا محوريًّا في تسهيل وتأمين الاستثمار داخل المملكة العربية السعودية، من خلال تقديم مشورة قانونية دقيقة وموثوقة، خطوة بخطوة، للمستثمرين، ويشمل ذلك تعريفهم بقطاعات الاستثمار الرئيسة، وأنواع الشركات المتاحة وفقًا لنظام الشركات السعودي، ومساعدتهم في اختيار الهيكل القانوني الأنسب، وإتمام إجراءات التأسيس، والحصول على التراخيص اللازمة. كما يقدمون استشارات قانونية في المجال المالي، ويساعدون في مفاوضات العقود المتعلقة بالاستثمار مثل: عقود الشراكة والبيع والشراء والاستحواذ وعقود العمل، والتصدي للنزاعات، ويطبقون الامتثال للأنظمة واللوائح، ويحمون حقوق الملكية الفكرية للمستثمر، وذلك بتسجيل العلامة التجارية وبراءات الاختراع، ويتصدون للقضايا وتسوية النزاعات وغيرها من الحقوق، وذلك بهدف تحقيق أهداف وأغراض المستثمر من حيث الربحية، والإنتاجية، واستمرارية المشروع.

       ونظرًا للتحديات التي تواجه المستثمرين، خاصةً الأجانب الذين يعملون في بيئة قانونية مختلفة، تبرز أهمية الاستشارة القانونية فيما يأتي:

أن الاستشارة القانونية المهنية تُسهم في نجاح الاستثمارات واستمراريتها، بغض النظر عن حجم المشروع.  فمع التطور المستمر للأنظمة والقوانين، يصعب على غير المتخصصين فهمها وتطبيقها بشكل كامل.  لذا، تُتيح الاستشارة القانونية الفرصة لفهم الأنظمة واللوائح، وكيفية الاستفادة منها. كما تُعدّ أداةً فعّالة لتجنب المشاكل القانونية المحتملة، من خلال التنبؤ بمؤشراتها واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة.

أن الاستشارة القانونية بالغة الدقة في صياغة العقود، بدءًا من عقد تأسيس الشركة؛ حيث يقوم المستشار القانونيّ بتوجيه المستثمر نحو العقد الأنسب لنشاط الشركة وأهدافها الاستثمارية، موضحًا البنود الأساسية، وحقوق والتزامات الشركة، وهذا يساعد على الامتثال للأنظمة واللوائح، وتجنب الخسائر الناتجة عن الممارسات غير القانونية. كما تتجلّى أهمية الاستشارة القانونية في العقود التي تُبرمها الشركة لاحقًا، بتحديد آلية العمل بين الأطراف، وحقوقهم والتزاماتهم، والنظام القانونيّ المنطبق على هذه العقود.

أن الاستشارة القانونية تبرز في حال نشوب نزاعات قانونية تتطلب اللجوء للقضاء؛ إذ يقوم المستشار القانونيّ بتوضيح الوضع القانونيّ للمستثمر، والخيارات المتاحة لحلّ النزاع، وتحليل النتائج المحتملة لكلّ خيار. ويمثّل المحامي المرخص موكله أمام المحاكم والهيئات القانونية، ويدافع عن حقوقه ومصالحه. وفي كثير من الأحيان، تسهم الاستشارة القانونية في التوفيق بين الأطراف، وحلّ النزاعات بشكل ودي وفعال بما يحقق مصالح الجميع، وذلك قبل اللجوء إلى القضاء.

      وتوافقًا مع رؤية المملكة (2030)، ولتحقيق أهدافها الاستراتيجية في تعزيز النمو الاقتصادي وتنويعه عبر دعم الاستثمار وزيادة إسهامات القطاع الخاص، وتوفير بيئة استثمارية جاذبة تحمي حقوق المستثمرين، فقد صدر مؤخرًا نظام الاستثمار بموجب المرسوم الملكي رقم (م/19) بتاريخ (1446هـ) وهو ما أدى إلى تعزيز دور الاستشارات القانونية. ويتجلى ذلك في توفير هيئة الاستثمار لخبراء قانونيين متخصصين، إلى جانب التعاون مع شركات استشارية خارجية لتقديم الدعم القانوني اللازم للمستثمرين، بما يضمن نجاح استثماراتهم، ويُحقق أهدافهم، ويُجنّبهم الخسائر.    

    ختامًا، تُشكّل الاستشارة القانونية ركيزةً أساسيةً لبيئة استثمارية آمنة ومُستدامة في المملكة العربية السعودية؛ فهي تُمكّن المستثمرين من إدارة المخاطر القانونية بفعالية، وتُحافظ على حقوقهم، وتُسهم في تحقيق أهدافهم الاستثمارية طويلة الأمد، مُعززةً بذلك ثقة المستثمرين ومُسهمةً في النمو الاقتصادي المستدام للمملكة.

مشاركة

إعلان

يمكنك وضع الإعلانات هنا

750x100

مقالات ذات صلة

كيف نستخدم ملفات تعريف الارتباط

لقد قمنا بتحديث سياسة الخصوصية!  يرجى مراجعتها