توقع تقرير شركة بوسطن كونسلتينج جروب (BCG) حول قطاع المدفوعات العالمية لعام 2024 أن ينمو قطاع المدفوعات في المملكة العربية السعودية بصورة قوية، لتصل إيراداته الإجمالية إلى 21.7 مليار دولار بحلول عام 2028، وذلك على الرغم من تباطؤ نموه على المستوى العالمي. وأكد التقرير أن المملكة العربية السعودية تُعد دولة رئيسية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، وتملك إمكانات كبيرة لنمو قطاع المدفوعات بفضل تركيزها الاستراتيجي على الابتكار الرقمي وتطوير البنية التحتية.
وسلطت النسخة الـــ 22 من التقرير السنوي حول قطاع المدفوعات العالمي لعام 2024، بعنوان “الفرص تُحالف الجراءة”، الضوء على ضرورة اتخاذ دول العالم إجراءات حاسمة للتعامل مع المشهد الاقتصادي سريع التطور، حيث يُبرز التقرير، أهمية التعامل بمرونة مع التوقعات المتغيرة للعملاء في قطاع المدفوعات، ومعالجة الضوابط التنظيمية المتشددة، والاستفادة من التطورات التقنية الهائلة. وأفاد التقرير أنه: “بالرغم من تباطؤ النمو على مستوى العالم، إلا أن المملكة العربية السعودية تعتبر بقعة مضيئة في المنطقة، مع مواصلة زخمها القوي لتحقيق النمو وجهودها لترسيخ الابتكار”.
وعلى الصعيد العالمي، يتوقع التقرير أن يتباطأ نمو إيرادات قطاع المدفوعات بشكل كبير، حيث سيصل معدل النمو السنوي المُركب إلى 5% حتى عام 2028، ليبلغ إجمالي الإيرادات العالمية من المدفوعات نحو 2.3 تريليون دولار. ويُمثل ذلك تراجعاً حاداً عن المعدل السنوي المركب البالغ 9% الذي لوحظ خلال السنوات الخمس الماضية، والذي ساهم في بلوغ إجمالي الإيرادات العالمية 1.8 تريليون دولار في عام 2023. ومن المتوقع أن تشهد قارتي أميركا الشمالية وأوروبا التباطؤ الأكبر في نمو قطاع المدفوعات، مع نمو الإيرادات السنوية بنسبة 3% فقط. بينما يتوقع أن تشهد مناطق الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وآسيا والمحيط الهادئ معدل نمو أعلى، حيث يتوقع أن تشهد منطقة الشرق الأوسط معدل نمو سنوي مركب قدره 7%، مدفوعاً بتسريع المدفوعات الرقمية في الأسواق الناشئة.
قطاع المدفوعات في المملكة مهيأ للنمو المستقبلي المستدام
أفاد التقرير بأن قطاع المدفوعات في المملكة العربية السعودية شهد نمواً ثابتًا، حيث ارتفعت الإيرادات من 10.3 مليار دولار في عام 2018 إلى 16.2 مليار دولار في عام 2023، بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 9.4%. وبحلول عام 2028، فإنه من المتوقع أن تنمو الإيرادات الإجمالية لقطاع المدفوعات في المملكة العربية السعودية بنسبة 34% إضافية لتصل إلى نحو 21.7 مليار دولار. كما يُتوقع أن تشهد أحجام المعاملات في السعودية ارتفاعاً كبيرًا من 11.3 مليار معاملة في عام 2023 إلى 19 مليار معاملة بحلول عام 2028، بزيادة قدرها 68%. وأرجع التقرير هذا النمو إلى الجهود التي تبذلها المملكة في مجال التحول الرقمي، وتعزيز أنشطة اعتماد التكنولوجيا المالية، والمبادرات التي تهدف إلى تحسين إمكانات الوصول إلى الخدمات المالية في جميع أنحاء البلاد.
وتعليقاً على التقرير، صرح لوكاس راي، المدير المفوض والشريك ورئيس قسم ممارسات المؤسسات المالية بمنطقة الشرق الأوسط بشركة بوسطن كونسلتينج جروب (BCG): أن “قطاع المدفوعات في المملكة العربية السعودية يتجه نحو تبني نموذج متوازن يجمع بين النمو السريع والمرونة المستدامة. ولذلك فإنه يتعين على الشركات السعودية منح الأولوية لاعتماد البنية التحتية القياسية القابلة للتطوير بما يُعزز المرونة التشغيلية ويسهم في تقليل التكاليف التكنولوجية. وأكد راي أن تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن تُسهم في تحسين مستويات خدمة العملاء، وجهود كشف الاحتيال، وتعزيز الكفاءة على نطاق واسع، وهي عوامل أساسية تحدث تصاحب مراحل تطور السوق. وأضاف أيضًا أنه مع تزايد الرقابة التنظيمية، فإن الشركات التي تدمج أطر إدارة المخاطر والامتثال التنظيمي ضمن تقنياتها الأساسية ستتمكن من وضع المعايير لتقديم خدمات آمنة ومبتكرة تلبي التوقعات العالية لكل من العملاء والأطراف المعنية في هذا القطاع المتطور.”
تحولات قطاع المدفوعات تتطلب استراتيجيات جديدة
يمر قطاع المدفوعات العالمية بنقطة تحول محورية، تدفع بالشركات للانتقال من النمو السريع إلى تبني منهجيات استراتيجية ومستدامة. وبحسب تقرير شركة بوسطن كونسلتينج جروب (BCG)، فإن قطاع المدفوعات الرقمية يقترب من مرحلة النضج والتطور في الأسواق الرائدة الكبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة، حيث تقل نسبة المعاملات نقدية عن 10%. وقد بيد أن إيجاد قيمة مُضافة للمساهمين قد شهد أيضاً تطوراً لافتاً، حيث تُشكل عمليات إعادة الشراء وتوزيعات الأرباح أكثر من ثلث العوائد الإجمالية لقطاع المدفوعات في ظل تزايد التركيز على تحقيق الربحية. في الوقت نفسه، باتت أنشطة المدفوعات الفورية حالياً منتشرة في أكثر من 60 دولة، ومن المتوقع أن يسهم إصدار المصارف المركزية للعملات الرقمية في إحداث تغيير جذري في مشهد السوق من خلال تعزيز مستويات الكفاءة وإضافة القدرات البرمجية المتقدمة. وقد ساهم الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي تبنته الشركات الرائدة، بالفعل في تقليل التكاليف بنسبة تصل إلى 70%، مما يجعل عملية تحديث وتطوير القطاع ضرورة من أجل البقاء وتعزيز القدرة التنافسية.
تهيئة مستقبل قطاع المدفوعات في السعودية لضمان النجاح المستدام
أوضح تقرير شركة بوسطن كونسلتينج جروب (BCG)، أنه مع إعادة تشكيل المشهد العالمي للمدفوعات من خلال الدور الذي تلعبه تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وتطبيقات المدفوعات الفورية، والعملات الرقمية، فإن قطاع المدفوعات للمملكة بإمكانه تحقيق النجاح المستدام من خلال مواصلة تعزيز الابتكار وترسيخ الجهود المبذولة للتطوير والتحديث المستمر.