أعلنت مجموعة بوسطن كونسلتينغ جروب، بالشراكة مع المنتدى العالمي للأمن السيبراني، عن إطلاق تقريرها الجديد بعنوان “الطفرة الكمية: استشراف مستقبل الحوسبة”، وذلك خلال الاجتماع السنوي للمنتدى العالمي للأمن السيبراني 2025 بالرياض. يشير التقرير إلى انتقال تقنيات الحوسبة الكمية من نطاق الأبحاث التجريبية إلى التطبيقات التجارية، بما يتيح للمؤسسات فرصًا واسعة للنمو والابتكار، ولكن في الوقت ذاته يفرض عليها تحديات متزايدة في مجال الأمن السيبراني.
من المُتوقَّع أن توفر الحوسبة الكمية فرصًا اقتصادية تتجاوز قيمتها 50 مليار دولار في مختلف القطاعات، حيث من المرجح أن يحقق قطاع النقل والخدمات اللوجستية تحسينات تشغيلية تتراوح قيمتها بين 400 مليون و1.2 مليار دولار، بينما يُتوقع أن يكون قطاع الطاقة المستفيد الأكبر، مع وفورات في النفط والغاز تتراوح بين 6 و30 مليار دولار. ويعكس هذا الإنجاز الواعد حجم الالتزامات الاستثمارية العالمية، إذ وصلت استثمارات المؤسسات في تقنيات الحوسبة الكمية إلى ما يقارب 13 مليار دولار سنويًا في عام 2025.
يؤكد التقرير على أنه بالرغم مما تتيحه الحوسبة الكمية من فرص هائلة، إلا أنها تفرض في المقابل تحديات ملحّة على صعيد الأمن السيبراني في دول مجلس التعاون الخليجي وعلى مستوى العالم. تواجه تقنيات التشفير التقليدية خطر فقدان فعاليتها أمام قدرات فك التشفير الكمية، مما قد يُعرِّض البيانات الحساسة للعديد من التهديدات، ومن بينها الهجمات المعروفة باسم “احصد الآن، وفك التشفير لاحقًا” (“harvest now, decrypt later”). ولمواجهة هذه التحديات، يتعين على المؤسسات التحرك العاجل لاعتماد مزيج من تقنيات التشفير ما بعد الكم (Post-Quantum Cryptography)، وحلول مبتكرة مثل توزيع المفاتيح الكمية (Quantum Key Distribution)، من أجل بناء دفاعات قوية ومتكاملة. إن بناء هذه الآليات الدفاعية بشكل استباقي يمثل ركيزة أساسية للحفاظ على ثقة السوق، وتوفير حماية مستدامة في عصر الحوسبة الكمية.
أوضح شعيب يوسف، المدير التنفيذي والشريك في مجموعة بوسطن كونسلتينغ جروب: “نحن اليوم أمام نقطة تحول استراتيجية غير مسبوقة في المنطقة، حيث تلتقي الاستثمارات الضخمة في القطاعات الحيوية مع القدرات المتنامية للحوسبة الكمية”. تُظهر المبادرات الحكومية في دول مجلس التعاون الخليجي مستوى متقدمًا من النضج عبر تبنّي تقنيات الحوسبة الكمية في مراحلها المبكرة، بدءًا من تحسين عمليات النفط والغاز، ووصولًا إلى إنشاء بنية تحتية للمدن الذكية قادرة على مواجهة المخاطر الكمية. ومن خلال الشراكات الاستراتيجية مع رواد التكنولوجيا الكمّية عالميًا، ترسّخ دول مجلس التعاون الخليجي موقعها الريادي، بما يمكّنها من بناء قوة اقتصادية كمية عبر دمج هذه القدرات في القطاعات الحيوية وتعزيز منظوماتها الدفاعية في مجال الأمن السيبراني”.
بناء خارطة طريق استراتيجية نحو النجاح في مجال الحوسبة الكمية
إن تقييم جاهزية المؤسسات لمرحلة الحوسبة الكمية القادمة يمثل ركيزة استراتيجية لتحقيق هدفين رئيسيين: ترسيخ الأطر الأمنية السيبرانية لضمان القدرة على الصمود أمام التحديات الكمية، ورسم مسار شامل لتفعيل تقنيات الحوسبة الكمية بشكلٍ استباقي، بما يتيح الاستفادة من مبدأ “الفائز يحصد جميع المكاسب”.
وللمساهمة في تحقيق هذه الأهداف، أطلقت مجموعة بوسطن كونسلتينغ جروب إطار الأثر والجاهزية، الذي صُمم لمساعدة المؤسسات على تقييم مدى تأثير الحوسبة الكمية على عملياتها واستراتيجياتها (الأثر)، ومدى جاهزيتها للاستفادة من إمكاناتها التحولية (الجاهزية). يُتيح هذا الإطار المتكامل تقييم قدرات المؤسسات وإمكاناتها وفقاً لمنحنى “تبنِّي الحوسبة الكمية”، من خلال قياس حجم الاضطرابات المحتملة في البيئات الخارجية والعمليات التشغيلية والمتطلبات التنظيمية، بالإضافة إلى تقييم مستوى جاهزية البنية التحتية، ورأس المال البشري، وآليات الحوكمة.
كما يقدم التقرير نهجًا استراتيجيًا متكاملاً لتحقيق النجاح في مجال الحوسبة الكمية، يبدأ بمرحلة التقييم الشامل، حيث تقوم المؤسسات برصد المخاطر السيبرانية المرتبطة بالكم، وتحليل حالات الاستخدام عالية الأثر تمهيداً لإطلاق مشاريع التطوير الأولية. تتضمن المرحلة التالية قيام المؤسسات بصياغة أهداف استراتيجية قابلة للقياس، وإعطاء الأولوية لحالات الاستخدام القابلة للتطوير، والتركيز على بناء شراكات استراتيجية فاعلة. ويُختتم المسار بتنفيذ مشاريع التطوير الأولية ذات الأولوية، بالتوازي مع تعزيز الاستثمارات الاستراتيجية في التدريب، وتنمية الكفاءات، ودعم البحث والتطوير، وتحديد مراحل واضحة، ومؤشرات دقيقة لمتابعة التقدّم المحرز.
من جانبه صرّح ديفيد بانهانز، المدير التنفيذي والشريك الأول في مجموعة بوسطن كونسلتينغ جروب: “نشهد في هذه المرحلة لحظة فارقة تتلاقى فيها الابتكارات في الحوسبة مع التحولات الكبيرة في مجال الأمن السيبراني، لتفتح أمامنا فرصًا سوقية غير مسبوقة. المؤسسات التي ستنجح في تحقيق التوازن الاستراتيجي بين تبنِّي الحوسبة الكمية، وتعزيز قدرتها على الصمود أمام التحديات ستعزز ريادتها في عصرٍ جديد من النمو والنجاح في عالم الأعمال. يفرض هذا الواقع ضرورة التحرك العاجل لبناء القدرات وتعزيز المنظومات الدفاعية بشكل متكامل.
يوفر إطار الصمود الكمي، الذي طورته مجموعة بوسطن كونسلتينغ جروب، مسارًا منهجيًا لتمكين المؤسسات من الاستعداد لعصر الحوسبة الكمية عبر معالجة الفرص والتحديات بشكلٍ متكامل. يتطلب ذلك من الشركات مراجعة قدراتها الحالية لتحديد الفجوات الحالية في المهارات، وتطوير قدراتها في مجال الحوسبة الكمية من خلال برامج متقدمة لتنمية المهارات والتوظيف الاستراتيجي، بالإضافة إلى تعزيز جاهزيتها السيبرانية من خلال تبني حلول آمنة وفعالة ضد التهديدات الكمية.
يرجى زيارة هذا [الرابط] للاطلاع على التقرير.